ابتسامات غامضة وسط الأحزان

ممدوح إسماعيل

ما يلفت نظرى واهتمامى وسط المصائب والاحزان التى تمر بها الامة هى
ابتسامات بعض الحكام والمسؤلين العرب أمام الكاميرات وخاصة عند
استقبالهم لأعداء الاسلام مثل بوش وتشينى ورايس واولمرت ومن على
شاكلتهم وتستفزنى تلك الابتسامات حتى تجعلنى أنشغل بالتفكير فيها

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

الابتسامة علامة على الود والصفاء لذلك حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على الابتسام وقال: «تبسمك فى وجه أخيك صدقة»، للدلالة على صفائك وحبك لأخيك ولم يقل صلى الله عليه وسلم تبسمك في وجه عدوك أو في مصائب الأمة لذلك كان دائمًا ما يلفت نظري واهتمامي وسط المصائب والأحزان التي تمر بها الأمة هي ابتسامات بعض الحكام والمسؤولين العرب أمام الكاميرات وخاصة عند استقبالهم لأعداء الإسلام مثل بوش وتشيني ورايس وأولمرت ومن على شاكلتهم.

وتستفزني تلك الابتسامات حتى تجعلني أنشغل بالتفكير فيها وأسأل نفسي لماذا يبتسمون وأسنانهم تظهر حتى تكاد تخرج من أفواههم هل هم يغيظون شعوبهم أم هل هي تعبير على قدرة أسنانهم الرهيبة على عض الشعوب عن طريق الاستبداد والقهر والمعتقلات بتبديلهم لشرع الله ومحاربتهم للدعاة والمصلحين، والأخلاق أم ربما هو إعلان منهم عن معجون أسنان؟

كدت أصدق تلك التحليلات حتى فوجئت مؤخرًا أن الابتسامات زاد عليها الرقص مؤخرًا عند استقبال بوش فقلت في نفسي ربما هي طقوس للولاء لا أعرفها حقًا إنه أمر عجيب يحتاج إلى تفسير ربما أحد القراء يفهمه ويدلني على تفسيره، ومن تلك الابتسامات أتوقف عند بعض الأخبار:-

الخبر الأول: قناة الجزيرة تعلن أن اليهود الصهاينة قرورا مقاطعتها لأنها بحسب رأيهم كانت منحازة في نشر مذابح الفلسطينيين والخبر يتزامن نشره مع ما جاء في حلقة الاتجاه المعاكس من طعن وسب في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقرآن وردود الفعل الغاضبة الشديدة من المسلمين في كل مكان ومع ذلك لم تهتم القناة بردود الفعل من المسلمين واهتمت باليهود الصهاينة فقط وكأنها "ودن من طين وودن من عجين" للمسلمين الذين قرر الكثيرون منهم مقاطعتها لكنها شغوفة جدًا بنشر لعبة اليهود بمقاطعتها وهي لعبة خبيثة فأول من أدخل اليهود الصهاينة للإعلام العربي هي قناة الجزيرة ونشرهم خبر المقاطعة لجذب المشاهدين حول موقفها من مذابح غزة كي تلتف على غضب المسلمين مما جاء في حلقة الاتجاه المعاكس التي لم تكلف نفسها خبرًا متكرر لمدة دقيقة أو حتى على شريط الأخبار يوميًا يثمن غضب المسلمين ويكرر الإعتذار بصورة أشمل وأوقع لذلك أرى في نشر خبر الصهاينة المفبرك أنه يحمل نفس الابتسامة الغامضة وأتساءل أين الشيخ القرضاوي من الإلحاد في قناة الجزيرة؟؟


الخبر الثاني: جاء فيه حاكم عربي يأمر بعمل متحف لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- للتدليل على عظمة الرسول كلام ظاهره جميل لكن حقيقته استخفاف وابتسامة خبيثة فالمتاحف للآثار وللتحف والأنتيكات وللأشياء التاريخية ورسول الله حاشاه أن يكون شيء من ذلك وهو رحمة للعالمين ودعوته باقية وليست أثرًا ولا تاريخًا ولا تحفة!!

إن دعوة الحبيب المصطفى منارة هدى للعالم إنها دين وشرع واعتقاد ثم هذا الحاكم بلده يعرف كل من زارها ومن لم يزرها أنها ماخور للفساد تنتشر العاهرات في الطرق والفنادق والزنا والخمر فيها كالماء والهواء ألم يكن أولى إذا كان حقا محبًا لرسول الله أن يمنع ذلك الفساد ويعلن أن ذلك اتباعًا ومحبة لرسول الله هكذا يكون تعظيم الرسول وليس بالمتاحف!!!!
ثم أليست دعوته لمتحف تحمل نفس تلك الابتسامة الغامضة لبعض حكامنا؟


الخبر الثالث: خبر في وسائل إعلام مختلفة يتضمن أن ابن مطرب شعبي أطلق أغنية تتضمن دعوة للأخلاق وتتضمن وضع كل فنانات (العري كليب) في النار مما أثار غضبهن بشدة لأنه وضعهن في النار وأنا في حيرة فأنا ضد التكفير لكن فنانات العري والاستربتيز في الفيديو كليب يعترضن وأنا أعلم حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال «صنفان من أمتي لا يدخلن الجنة ولايجدن ريحها» وذكر منهم النساء المتبرجات فما بالكم بالعاريات حقًا أنه أمر يدعو للابتسام ولكن بمرارة من هؤلاء العاريات اللاتي تضايقن من النار ربما لايحبون الحر!؟
وربما أحد القراء عنده إجابة شرعية.

وأخيرً:ا أثناء سيري في أحد الشوارع للذهاب للصلاة وجدت زحامًا شديدًا على أحد مخابز العيش وسمعت شابًا ينادي بصوت يغلبه الفرح: يا سيد يا سيد أنا جبت عشرة أرغفة. وجاء سيد وهو يصيح: وأنا كمان يا متولي هاهاها جبت عشرة أرغفة.
ثم وجدتهم يحتضن كلاهما الآخر ويّقبلون بعضهم ويبتسمون فرحًا بالنصر والحصول على عشرة أرغف من العيش البلدي وانصرفت وعدت من الصلاة والناس في الطابور لم تصلي ولا أعرف لماذا تذكرت هنا ابتسامة حكامنا والمسئولين وأسنانهم اللامعة إنها ابتسامة الاستخفاف لقد نجحوا بامتياز في قلب كل موازين العقل والفهم عند شعوبهم ففي ظل مذابح غزة وصمت بل وتواطؤ العرب ودعم الأمريكان للصهاينة لإبادة إخواننا في فلسطين أصبح أعظم أماني المواطن وأعظم نصر يحققه في حياته هو الحصول على رغيف عيش لذلك قلت في نفسي أنها ليست أزمة خبز ولا دقيق إنهامخطط لتغييب الوعي حتى يبتسم الجميع بالظفر برغيف خبز في ظل الأحزان.. وإذا ضيعت الصلاة فسهل جدًا تضيع قضايا الأمة والوطن.

ويا حبيبى يا رسول الله لم تعد الابتسامة تعني الصفاء ولا الود ولا الحب لقد تغيرت معانيها وأهدافها كما تغيرت أشياء كثيرة في هوية ودين الناس وأعظم انتماء لك يا رسول الله ودفاع عنك هو أن نعود لك ونحن الآن غرباء عنك فهل تعرفنا يا رسول الله أم تنكرنا عندما نلقاك عند الحوض.


ممدوح إسماعيل
محام وكاتب

[email protected]



المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام