(27) صفات العالِم الرباني 3: الأمانة العلمية

راغب السرجاني صلاح الدين سلطان

نعيش هذه الحلقة من صناعة العلماء مع قضية من أخطر القضايا التي تتعلق بالأمانة العلمية في العلوم الحياتية، وهي السرقات العلمية، حيث يستعرض الدكتور راغب السرجاني بعض نماذج من الأمانة العلمية في الحضارة الإسلامية وأخرى من السرقات الأوروبية لإنجازات علماء المسلمين في العلوم الحياتية

  • التصنيفات: دعوة المسلمين -

بسم الله الرحمن الرحيم

د. راغب:

في كتب السابقين من علماء الإسلام الأفذاذ، يذكرون بمنتهى الأمانة قول العالِم وينسبه إليه وحتى وإن كان من غير المسلم أو ليس من أهل الكتاب أو من أمة معادية.

أبو بكر الرازي رحمه الله كان يذكر غالينوس في كتابه وأبقراط وينسب إليهم الصفة التي تُعظِّم من شأنهم، فلو أن غالينوس قال رأيًا والتجربة أثبتت خلافه، فيذكر ذلك ويذكر الرأي الأصوب بعد الدراسة والتحليل دون أن ينقص أبدًا من قدره.

وكذلك فعل أولاد موسى بن شاكر في كتابهم (الحيل)، والعلماء المسلمون كانوا على هذه الصورة النقية في كتاباتهم.

لكن حدث سرقات مهولة لتراثنا الإسلامي ونسبت إلى غيرنا من الغربيين مثلما فعل سيرفيتوس في الدورة الدموية الصغرى لابن النفيس. 

وكم من العلوم والمعلومات الراسخة في عقول الناس أنها لفلان أو فلان وهي في الأصل للعلماء المسلمين، مثل قوانين الحركة لإسحاق نيوتن التي هي لابن سينا وهبة الله بن ملكا.

 

د. صلاح: 

لكن ليس كل هؤلاء الغربيين خائنين للأمانة، مثل زيغريد هونكه التي ذكرت صور عديدة جدًا من السرقات التي تمت تحت عِلم الكنيسة.

لكن في واقعنا المعاصر وخاصة في مرحلة الماجستير والدكتوراه هناك من يحصلون على هذه الرسائل بمقابل مادي.

 

د. راغب: 

وهناك مكتبات متخصصة في كتابة رسائل الماجستير والدكتوراه للطلبة مقابل مبلغًا من المال وتُكتب باسمه، ومنها متخصصة في الهندسة وغيرها.

 

د. صلاح:

وهذا الطالب عندما يقبل بهذا الوضع ويتخرج من جامعته سيستمر في خيانة غيره، فقد يسرق من الإسمنت والحديد ثم تقع الأبنية على أهلها ويموت عددًا من الناس.

 

د. راغب:

وهذا الأمر يكشف مدى خطورة غياب الأمانة.

 

د. صلاح:

هل يكون المسلم غير أمينًا! وخاصة إن كان يدرس الماجستير أو الدكتوراه! ماذا سيفعل عندما يصبح رئيس مؤسسة ويخون الأمانة ويضع موظفًا ليس كُفء مكان آخر أفضل منه!

فهذا الأمر يبدأ من مرحلة مبكرة، ومن يسمح لنفسه أن يَغُشَ وهو طالب، هو نفسه الذي يسمح لنفسه أن يَغُشَ وهو أستاذ أو مهندس أو طبيب، سيغش في كل شيء.

ونحن ندعو الآباء والأمهات والأساتذة والمعلمين أن يعلموا أولادهم والطلاب القيَّم لتكون الأرض خصبة، بل ويقبل الرسوب ولا الغش.

وكما قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «إذا ضُيِّعت الأمانةُ فانتظِرِ السَّاعةَ» (رواه البخاري).

وهؤلاء الأمناء يرفع الله سبحانه وتعالى درجاتهم إلى مصاف الشهداء والأنبياء والصالحين.

 

 


لسماع هذه الحلقة: الأمانة في حياة العلماء (2)