التعميم وخطورته

ملفات متنوعة

تجاهلوا تمامًا في تعريف علم السياسة التعريف الإسلامي الذي في جوهره
يعتمد مفهوم المصلحة ، وأخذ الناس إلى الأصلح ، وإبعادهم عن الفساد

  • التصنيفات: السياسة الشرعية -


كتب عشري علام :

يمثل التعميم قبل الاستقراء والتأصيل خطرًا وإشكالية كبيرة على مستوى الوعي العام ، لأن الباحث في هذه الحالة ينحاز لأفكاره المسبقة والتي اعتبرها من المسلمات ثم يقوم بإعطائها صبغة علمية بألفاظ أكاديمية في الحقيقة هي تعبير عن نفس وذات الباحث بصورة شاعرية بألفاظ أكاديمية بدلالات رومانتكية لا علاقة لها بالحقيقة العلمية التي يريد تعميمها ، لهذا لا تعجب لفشل كثير من الحلول التي طرحت لمعالجة وحل مشكلات العالم العربي والإسلامي منذ فترة زمنية طويلة .


والآن انظر إلى من يقدمون رؤى للحل لواقعنا العربي والإسلامي واستبعادهم المنهج الإسلامي كأساس للحل بدعوى أن الفكر السياسي الإسلامي وتراثه ظاهرة تاريخية لا يمكن مشاهدتها أو ملاحظتها مباشرة بأحد الوسائل المنهجية كالتجربة والملاحظة والاستبيان … إلخ وما كلفوا أنفسهم معاناة البحث بدراسة مسحية للفكر السياسي الإسلامي من خلال مصادره الأصلية الموثقة دون إصدار أحكام ومواقف افتراضية مسبوقة حول طبيعة التراث السياسي الإسلامي وقيمته ومكوناته ودون اتخاذ موقف منه بمع أو ضد ، فلو دخلوا بعقل الباحث المنفتح لاختلف الأمر غاية الاختلاف ، وكان الواجب عدم إصدار أحكام على ظاهرة إلا بعد معرفتها معرفة تقترب من الحصر والشمول ثم عرضها وتحليلها في إطار نسقها الفكري ولغتها وظروفها التاريخية ، وبعدها فالتعدد والاجتهاد وارد طالما التزم الباحث بالمنهج العلمي وأسسه القائمة على استقراء قبل الحكم والمعرفة قبل التعميم أو التقويم فعلى الرغم من وجود حوالي 307 مصدر تراث سياسي إسلامي مع نسبة مخطوطات كبيرة ومطبوعات تجاوزت أكثر من 105 مصدر ؛ فإن الكتابات المعاصرة لم تستقرئ هذا التراث بدرجة معقولة تقربها من حدود المصداقية .
وعلى الرغم من تنوع الباحثين لم ينتج هذا تنوعًا في المصادر ؛ فأكثر من 80 % ممن كتب في علم السياسة الإسلامي لم يرجع لأكثر من 3.5 % ، بل إن بعض من كتبوا في الفكر السياسي الإسلام لم يرجع لمصدر تراثي واحد !
والأخطر استبعاد العقل الأكاديمي العربي منذ أكثر من نصف قرن شيئًا اسمه فكر سياسي إسلامي وتراث سياسي مستقل عن الفكر اليوناني والروماني والغربي ، والأعجب أنه لا ينظر إلى ذاته إلا من خلال المنظور الغربي ويعتبر ذلك هو العلمية والموضوعية بحسب ادعائه وتجاهلوا تمامًا في تعريف علم السياسة التعريف الإسلامي الذي في جوهره يعتمد مفهوم المصلحة ، وأخذ الناس إلى الأصلح ، وإبعادهم عن الفساد وجلب المصلحة ودرء المفسدة .
وعلى النقيض من ذلك ؛ يعتمد الفكر السياسي الغربي فكرة الصراع والقوة فانعكس ذلك على عقلية الغرب وسياسته .
فهل من الغريب أن يكون الغرب هو أصل الصراع ومفجره في أركان العالم ؟!
فهؤلاء الذين يملأون الدنيا الآن في الإعلام بمصطلحات سياسية واجتماعية ويكاد لا يجمع عليها اثنين في حدودها ومفاهيمها ودلالاتها ، مزاحمة وإبعادًا وتخويفًا للناس من المنهج السياسي الإسلامي وما ينتج عنه من سياسات عادلة مكفولة للجميع في المجتمع حقوقًا وواجبات ، فهل اطلعوا على هذا التراث والفكر السياسي الإسلامي قبل إصدار الأحكام ؟ أم هو الجهل البسيط والمركب معًا ؟! والأخطر الارتهان للغرب ثقافيًا وسياسيًا .
* أدعو القارئ الكريم إلى الاطلاع على دراسة للأستاذ الدكتور نصر عارف أستاذ العلوم السياسية بعنوان "مصادر التراث السياسي الإسلامي .. إشكالية التعميم قبل الاستقراء والتأصيل" فقد استعنت ببعض ما ورد فيه .

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام