أشك أن زوجتي سرقت.. هل أطلقها؟!

  • التصنيفات: فقه الزواج والطلاق - استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا عندي مشكلة كبيرة جدًا، لست قادرًا على أخذ قرار فيها، ومحتاج لرأيكم، أنا أعمل في الخارج، وخطبت وأنا خارج بلدي، وكنت أكلمها في التلفون, والحمد لله استرحنا جدًا لبعضنا، سافرت لمصر بعد ٤ شهور وألبست خطيبتي الشبكة، وقبل انتهاء إجازتي قررنا عقد القرآن من أجل إرسال تأشيرة زيارة لتسافر لعندي، وسافرت بعد شهرين، وكنت أريد أن أبعث لها لتسافر إلي، لكن أهلي وأهلها أصروا أن أعمل الفرح بمصر، فنزلت بعد ٦ شهور فعملت الفرح، وكل شيء كان تمام، ولكن من ثاني يوم الفرح، كنت قد وضعت ١٠٠ ألف جنيه في درج الكوميدينو في غرفة النوم، وبعد ٢٠ يوم اشتريت أرض واحتجت المال، وعندما أردت أخذ النقود من غرفة النوم فوجئت أنهم ٧٠ ألف، عرفت أن السارق من بيتنا، فأنا أسكن في بيت العائلة، أصبحت مشكلة كبيرة جدًا، العقل والمنطق يقول: لا يوجد حرامي يسرق جزء ويترك جزء، ومستحيل أحد يدخل الشقة ومفتاحها معي أنا وزوجتي، فالكل اتهم زوجتي، وهي حلفت على المصحف أنها لم تسرق، وأنا عمري ما شككت فيها، خاصة أن ما أملك أصبح كله لها بعدما حملت مني، وأخلاقها وتربيتها لا يسمحان لها بمثل هذا العمل، ولكنني في حيرة لعدم معرفة من أخذ النقود، فولدت الحادثة قلق ومشاكل وشك وارتياب في الجميع، حتى أصبحت أشك في نفسي أنني لم أعد المائة ألف صح، أو أن ال30 ألف ضاعت مني، بصراحة النفوس كلها تغيرت رغم محاولات التناسي، ونبهنا على الجميع، أن هذا سر لا يخرج خارج البيت، وكوني اتفقت مع صاحب الأرض أن أدفع له ثمنها، أخذت ذهب زوجتي وبعته وأكملت به ثمن الأرض، وزوجتي هي التي أصرت على بيع الذهب، لكن حماي وحماتي غضبوا جداً ورفضوا بيع الذهب، وكانت إجازتي قد انتهت، وسافرت على أساس بعد شهر أبعث فيزا لآخذ زوجتي، لكن بعد أسبوع اكتشفت أن أهل زوجتي قد علموا بالسرقة، وذهبوا إلى أناس يريدون تطليق ابنتهم، وأبوها قال سننزل الجنين، كل هذا وزوجتي في شقتها ووسط أهلي، لم أعرف شيئًا إلا بعد سفري ب 10 أيام، عملت زوجتي مشاجرة مع والدتي، واتصلت بي تشكو، وعندما اتصلت بوالدتي عرفت منها ما حصل، بعدها اتصلت بزوجتي وعنفتها وطردتها إلى بيت أبيها، المهم الموضوع كبر جدًا، وبعد وجودها شهرين في بيت أبوها، نزلت الجنين كما قال أبوها، وما عرفت إلا بعدها ب ٣ أيام، والآن هم مترددون في طلاق ابنتهم، مرة يطلبون طلاقها، ومرة أخرى يتراخون، ومرة يقولون إلى حين قدوم زوجها، ومرة يقولون نريد أن نتحقق ونرى من المخطئ، والموضوع على هذا الحال ٤ شهور، وأنا محتار الآن: هل أستمر بالعيش معها وأنا أشك بأمانتها وخفة يدها، وكونها أفشت سر بيتي، وأجهضت ولدي ؟. مع العلم أني أحبها، ولذلك أنا متردد وغير قادر على أخذ قراري، ساعدوني وأرشدوني ماذا أعمل، جزاكم الله خيرًا.

الإجابة:

الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبيَّ بعده، وعلى آله وصحبه...


أخي الكريم: فهمت من خلال عرضك لمشكلتك، أنَّك تعاني من حادثة سرقة حدثت في بيت العائلة، وتوجَّه الاتهام فيه لزوجتك التي دخلت جديدًا في بيت عائلتك، وتذكر أن زوجتك أفشت سر عائلتك إلى أهلها، مما أدى إلى تعقيد المشكلة وتوسيعها، وتدخل والد زوجتك بفظاظة وغلظة وهدد بإنهاء الحياة الزوجية بينك وبين زوجتك، وإسقاط الجنين، وفعلاً أوقع ما هدد به فأسقط الجنين البرئ، وتذكر أن زوجتك افتعلت مشكلة مع والدتك، وأنك نتيجة ذلك طردتها إلى بيت أبيها، والآن هي في بيت أهلها، وأهلها قرروا طلاقها منك، وإنهاء العلاقة بين الأسرتين، وتسأل عن حل لمشكلتك، وتطلب من إخوانك أن يحيطوك بالنصح والتوجيه والإرشاد، أبشر أخي بما يسرك ويعطيك الرأي السديد الحصيف لحل مشكلتك، ألخِّصُ لك أخي جواب استشارتك من خلال النِّقاط الآتية:
أولاً: السارق ملعون.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده» (رواه البخاري). لا شك أن السرقة وخفة اليد خلق ذميم، وخصلة سيئة رذيلة، تفسد حياة الناس وممتلكاتهم، ولا بد من مقاومتها ومكافحتها على مستوى الفرد والجماعة حتى تستقيم حياة الناس وأمنهم، والعلاج لا بد أن يكون بتخطيط وتنظيم وحزم وشدة، لا يرحم السارق عندما يتم التأكد من وقوعه في السرقة، وأنت أخي لم تتأكد من معرفة السارق الحقيقي لمالك.
ثانيًا: إن كنت ناقلاً فالصِّحة، وإن كنت مدعيًا فالدليل.
هذه قاعدة هامة في التعامل، إن نقلت قولاً أو كلامًا لا بد من أن تتأكد من صحته، وإن أردت الإدعاء على أحد فلا بد من وجود الأدلة والبراهين على دعواك، وأنت تدعي على زوجتك السرقة، فلا بد من وجود الأدلة الواضحة والبينة عليها، فوجود سكنك في وسط العائلة ينفي جريمة السرقة عن زوجتك، فهي فرد يعيش مع مجموعة من الأفراد في نفس المكان، فبالتالي توجيه الاتهام لزوجتك بالأخص ظلم وجور، ولا يعني ترك التحقيق معها، في حالة متابعة الأمر وتدقيق الحادثة، بشرط أن تجري التحقيق مع كافة ساكني البيت، وأنا أقترح عليك احتساب مصيبتك عند الله، وترك الأمر لله، لأن كل من حولك يخصك، ولو خرج أحد منهم سارقاً في النهاية العار عليك، فابق على نفسك وأهلك، ولا تصعِّد الأمر أكثر مما صعِّد، وثق ثقة تامة سيظهر الله حقك ولو بعد حين، ما دام مالك مالاً حلالاً.
ثالثًا: أمسك عليك زوجك.
أنت تحب زوجتك، ولم يثبت عليها شرعًا أنها سرقت مالك، فأقترح عليك صرف النظر عن طلاقها، فالطلاق لا يأتي بخير، وكم تعبت ودفعت في زواجك منها، وليكن في علمك ليست كل امرأة كاملة الأوصاف الدينية والخلقية، فزوجتك فيها خير كثير، وللمرأة تربية عند أهلها وتربية أخرى عند زوجها، ولو عجلت بأخذ زوجتك معك إلى دبي فهو أفضل وأحسن لك ولها، ولما حدثت تلك التداعيات من إجهاض الحمل، وتوسع دائرة الخلاف والمشاكل.
رابعًا: ما حكَّ جلدك مثل ظفرك.
خذ إجازة اضطرارية من عملك، وسافر إلى أهلك وبيدك فيزا سفر زوجتك، وحلَّ المشكلة، ولا تدع الأمور عائمة، قل للجميع: أنا احتسبت مالي عند الله، وزوجتي بريئة من حادثة السرقة التي حدثت براءة الذئب من دم يوسف، ويمكن أنا أخطأت في عدِّ النقود، وهي سبعون ألفًا، وكنت أحسبها مائة ألف، وأنهِ الموضوع العائم، واسترضِ أهل زوجتك وزوجتك، ثم سافر بزوجتك بعيدًا إلى دبي، ومن باب الاحتياط ضع مالك في البنك إلى حين تثبتك تمامًا من أمانة أهلك، ولا أظنها إلا أمينة كما تقول أنت وأنها قد تربت على حفظ الأمانة.
خامسًا: توجَّه إلى الله في الدُّعاء.
الله بيده ملكوت السماوات والأرض، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا هي تحت سمع الله وبصره، فتوجَّه إلى الله في خلواتك بدعائه جلَّ وعلا أن يردَّ عليك مالك، ويظهر سارقك، ادع بهذا الدعاء: اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه، اجمعني بمالي الذي سرق مني، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.
سادسًا: آخر العلاج الكي.
إن بذلت جهدك في الإصلاح، وبقيت الأمور تسير عكس ما تريد، ووجدت نفورًا وعدم قبول، فاجعل الطلاق هو الحل الأخير للمشكلة، فزوجتك أخطأت في أربعة أمور: 1- أجهضت جنينك بغير إذنك، واعتدت على نفس بريئة لا ذنب لها. 2- افتعلت مشاجرة أدت إلى إغضاب أمك وإهانتها. 3- أفشت سرَّ بيتك، وأذاعته إلى أهلها، وكان السبب الحقيقي في تفاقم المشكلة وتصعيدها. 4- طلبت الطلاق منك من غير بأس وسبب مقنع، وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك أيما تحذير.
فما جعل الله عليك في الدين من حرج، إن وجدتها مدبرة عنك، وكارهة للحياة معك، طلقها وستجد في النساء غيرها من هي أفضل وأدين وأجمل.